الرئيس وقع مرسومين لإعادة ترتيب بيت الإدارة وإصلاحها
بوتفليقة يتخلى عن وصايته على الوظيف العمومي
وزارة إصلاح الخدمة العمومية تراجع كيفية تنظيم مسابقات التوظيف الخارجية والداخلية
سحبت رئاسة الجمهورية، بصفة رسمية وصايتها على المديرية العامة للوظيفة العمومية، فيما سحبت كذلك المديرية العامة للإصلاح الإداري من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، في وقت قررت إلحاقهما بالوزارة المنتدبة لدى الوزارة الأولى المكلفة بإصلاح الخدمة العمومية، وبذلك تكون الرئاسة قد نزعت برنوسها على أهم مديريتين الأولى تهم كل منتسب لسلك الوظيف العمومي، والثانية تشغل بال كل طالب لخدمة الإدارة من مواطنين إلى مستثمرين ورجال أعمال.
وقع رئيس الجمهورية مرسومين رئاسيين يتضمن الأول إلغاء المرسوم المتعلق بإلحاق المديرية العامة للوظيفة العمومية برئاسة الجمهورية، أما الثاني فيتضمن إلغاء المرسوم رقم 06-180 المتضمن إلحاق المديرية العامة للإصلاح الإداري بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، وحسب مصادر حكومية، فقد قرر الرئيس إلحاق المديريتين بالوزارة الأولى عبر الوزارة المنتدبة المكلفة بالخدمة العمومية، التي استحدثت ضمن آخر تعديل حكومي أجراه الرئيس بتاريخ الـ11 سبتمبر الماضي، وهي الوزارة التي فوض مهمة تسيرها لوالي عنابة السابق محمد الغازي.
وأكدت مصادرنا أن قرار رئيس الجمهورية، نزع الوصاية على المديرية العامة للوظيف العمومي، يرمي من خلاله إلى إعادة ترتيب شؤون المديرية وتفعيلها من خلال فرض نوع من الرقابة المباشرة عليها، وذلك لعدة عوامل يتقدمها الكم الهام لمنتسبي هذا السلك الذي يضم تقريبا مليوني شخص، إلى جانب أهميتها كجهة معنية مباشرة بتنظيم المسابقات الخارجية للالتحاق بمختلف الأسلاك الإدارية من جهة، وجهة مسؤولة كذلك على المسابقات الداخلية المتعلقة بالترقيات والتدرج في سلّم المسؤوليات داخل مختلف الإدارات، ويأتي تحرك الرئاسة بعد استلامها عدد من التقارير التي تنتقد أداء المديرية العامة للوظيف العمومي، مع بعض الملفات، آخرها ملف غياب الإطار القانوني الذي يسمح باعتماد شهادات نظام "ال أم دي" كشهادات جامعية تسمح لحامليها بالمشاركة في مختلف المسابقات التوظيفية.
ومعلوم أن التعاطي "الجاف" وغير المرن لمديرية الوظيف العمومي في عهد المدير العام السابق جمال خرشي، ظل لفترة طويلة مبعث صداع لعدد كبير من القطاعات الوزارية، خاصة تلك التي تضم أكبر تعداد بشري من المنتسبين، مثلما عليه الحال بالنسبة لسلك التربية الذي شهد عدة مرات تجميد نتائج مسابقات التوظيف، الأمر الذي كان يؤثر على تسيير شؤون القطاع بشهادة وزير التربية السابق، أبو بكر بن بوزيد، الذي خرج عن صمته نهاية 2010، واتهم صراحة مديرية الوظيف العمومي بالتعنّت.
كما سبق لقطاع الصحة وقطاع التعليم العالي الذي يعيش منذ بداية الموسم الجامعي على صفيح ساخن، بسبب رفض شهادات نظام "أل أم دي" رغم تعليمة سابقة للوزير الأول، باعتماد شهادات النظام الجامعي الجديد كشهادات مؤهلة للمشاركة في المسابقات إلا أن التعليمة التي لم تجد صدى وأجبرت عبد المالك سلال مؤخرا على تحنيتها لإخماد البركان الذي تعيش عليه الجامعة منذ بداية السنة الدراسية، بسبب مطالب رفع "كوطة" الماستر التي أصحبت ملجأ حاملي "ليسانس" النظام القديم المحرومين من مسابقات التوظيف.
إلحاق المديرية العامة للوظيف العمومي التي شهدت تغييرا في أعلى هرمها بإبعاد جمال خرشي، وتعيين بلقاسم بوشمال، في منتصف مارس سنة 2011، في أعقاب حالات الركود والانسداد التي عرفها أكبر قطاع في الجزائر، جراء أساليب التسيير التي كانت معتمدة من قبله، والتي جعلت كل القطاعات الوظيفية في الجزائر تعيش على فوهة بركان، وهي السنة التي حطمت الرقم القياسي في الاحتجاجات والإعتصامات.
وبإلحاق مديرية الوظيف العمومية بوزارة إصلاح الخدمة العمومية، أكدت مصادرنا أن إستراتيجية جديدة جاري التحضير لها وستفضي إلى إجراءات تكميلية لتلك التي كانت بدايتها تقليص ملف المشاركة في مسابقات التوظيف، وستشمل كيفيات إجراء المسابقات الخارجية والداخلية وفترات إعلان النتائج، مع فرض نوع من الرقابة البعدية على المسابقات التي اعتمدت الحكومة سياسة اللامركزية في تنظيمها منذ قرابة السنتين.
وفي سياق إعادة ترتيب شؤون الإدارة وإصلاح الخدمة العمومية، والقضاء على أخطبوط البيروقراطية، أنهت الرئاسة وصاية وزارة الداخلية على مديرية إصلاح الإدارة، وألحقتها بالوزارة المكلفة بإصلاح الخدمة العمومية، على اعتبار أن إصلاح الإدارة يربطها حبل سري بالخدمة العمومية التي تشمل جميع الفئات والطبقات الاجتماعية، فهل ستنتهي معاناة المواطن، وتنقطع شكاوى المستثمرين، وما حيلة محمد الغازي، مع بيروقراطية عششت في العقول قبل أن تتجسد عبر سلوكات أضحت من يوميات المواطن؟
المصدر